١٠ أمور يجب أن تعرفها عن دراسة الكتاب المقدس

هذه المقالة جُزء مِن سلسلة "عَشرة أمورًا يجب أنْ تعرفها".

1. دراسة الكتاب المُقدّس أمرٌ هام لأن الله مهم.

نحن ندرس الكتاب المُقدّس لكونه كلمة الله للعالم. يجب علينا أن نسمع صوته. علينا أن نهدأ ونستمع بعناية وتفكير ووقار ما يقوله لنا.

ما مدى قيمة هذه الكلمات التالية؟ "أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ." (مزمور ١٩: ١٠). اثنان من أعظم الملذات التي يسعى إليها عالمنا – المال والطعام – والكتاب المُقدّس قادر على أن يُشبعنا أكثر من كليهما.

كتب الرسول بولس، "كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ" (٢تيموثاوس ٣: ١٦). تماماً كما "تتنفّس" كل كلمة تخرج من فمك، فإن الله "يتنفّس" كل كلمة في الكتاب المُقدّس لكونها خارجة من فمه. وهذا هو المعنى الوحيد لمُصطلح "مُوحًى بِهِ". ولا يُمكننا قول هذا عن أي كتاب آخر موضوع على أي رف آخر في أي مكان في العالم - فوحده الكتاب المُقدّس نقدر أن ننسب له تلك الصفة.

2. دراسة الكتاب المُقدّس تختلف عن قراءته.

عندما نقرأ الكتاب المُقدّس، فإننا نقرأ النص بسرعة القراءة الطبيعية. ولكن عندما ندرس الكتاب المُقدّس، فإننا نتأنّى ونفكر في النص بعُمق. نطرح الأسئلة ونبحث عن المعنى، ونأخذ في اعتبارنا التطبيقات الناتجة عن دراسة النص.

فمثلاً، قد تقوم بقراءة أفسس ١: ١- ١٤ في ثلاثين ثانية، ولكن يُمكنك انهاء دراسته لسنوات. قد تصل إلى نهاية قراءة إنجيل يوحنا خلال ساعتين. لكن لا يُمكنك أبداً الوصول إلى نهاية البحث في أعماقه.

هذا يعني أنه يُمكننا أن نتوقع حياة من التعمُق بسعادة أعمق وأعمق في كلمة الله.

3. دراسة الكتاب المُقدّس تتطلب الاجتهاد والاتِّكال.

نحن نُكرِّس أنفسنا للدراسة - وهذا هو الاجتهاد. لكن يجب علينا أيضًا أن نصلي من أجل أن يفتح الله أذهاننا لنفهم - وهذا هو الاتِّكال.

قال بولس لتيموثاوس: "افْهَمْ مَا أَقُولُ. فَلْيُعْطِكَ الرَّبُّ فَهْمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ." (٢تيموثاوس ٢: ٧).

نحن من نقوم بالتفكير، أما الله هو من يُعطي الفَهم.

عندما أصبح الكارز چورچ وايتفيلد George Whitefield مؤمنًا، بدأ في قراءة الكتاب المُقدّس بطريقة مُكثّفة في شكل عبادة يومية، لاحظ في كلماته التالية، موقفه المتواضع:

"بدأت أقرأ الأسفار المُقدّسة وأنا ساجد على ركبتيّ، ووضعت جميع الكتب الأخرى جانبًا مُصلّيًا إن أمكن، كل سطر وكلمة ... فكنت أتلقى يومياً حياة جديدة ونوراً وقوة من فوق". ١

سواء اخترنا الركوع عندما ندرس أم لا، يجب أن يكون هذا هو موقف قلوبنا.

 

4. عندما ندرس الكتاب المُقدّس، فإننا نبحث عن المعنى الذي قصده المؤَلِّف.

نحن نُكرم الناس عندما نسعى لفهمهم، ونُهينهم عندما نضع بلا مبالاة الكلمات في أفواههم. نُعبِّر عن محبتنا لله من خلال السعي لمعرفة ما تقوله حقًا كلمتهُ، وليس ما نتمنى أن تقوله كلمته لنا.

كل نص في الكتاب المُقدّس له مؤلِّفان – المؤلِّف الإلهيّ [أي الله]، والمؤلِّف البشريّ [أي الإنسان]. ضَمِن الله باعتباره المؤلِّف الإلهيّ أن كلمات المؤلِّف البشريّ هي بالضبط كما قصدها [الله]. كتب بطرس، "لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ." (٢بطرس ١: ٢١). مهمتنا هي البحث عن المعنى الذي قصده الله باعتباره المؤلِّف الإلهيّ من خلال تمييز المعنى الذي قصده المؤلِّف البشريّ.

5. مفتاح دراسة الكتاب المُقدّس هو طرح الأسئلة الصحيحة.

غالبًا ما نختم وقتنا في دراسة الكتاب المُقدّس بالإجابات التي توصلّنا إليها للأسئلة التي طرحناها. في ضوء ذلك، فإن إحدى أفضل الطرق لإحراز تقدُّم هي أن نتعلّم طرح الأسئلة الأكثر فائدة. وإليك بخمسة منهم:

  • ماذا تعني هذه الكلمة؟
  • ما هو الخط الفكري للكاتب؟
  • كيف يبني ويُنظِّم الكاتب هذا النص؟
  • ما هو غرض الكاتب أو هدفه من كتابة هذا النص لمُستمعيه؟
  • كيف يرتبط هذا النص برسالة الإنجيل والقصة الأكبر للكتاب المُقدّس؟

 

6. السياق الأدبيّ هو أمر بالغ الأهمية.

سؤال مهم آخر: "كيف يتناسب النص الذي أقوم بدراسته مع السياق الأدبيّ الأكبر لهذا القسم في السفر؟" بعبارة أخرى، "لماذا كتب المؤلف هذا النص هنا في هذا المقطع؟"

إذا تلقيت رسالة من ثلاث صفحات من صديق يكتُب لك عن بعد، فمن المستحيل أن تبدأ بقراءة الصفحة الثانية فقط. يُمكنك قضاء اليوم كله في "دراسة" تلك الصفحة، ولكن إن لم تقرأ الصفحتين الأولى والثالثة، لن تفهم شيئًا من (أو ربما على الأقل بشكل صحيح) رسالة صديقك.

قام مؤلِّفو الكتاب المُقدّس بتنظيم أسفارهم عن قصد. لذا علينا بالرجوع خطوة للوراء ونقوم بالتفكير في الخط الفكري للمؤلِّف. تتضمن دراسة الكتاب المُقدّس التفكير ودراسة فقرة بفقرة، وقسمًا بقسم، ورؤية كيف يتناسب كل شيء مع الهيكل والبنية العامة للسفر والخط الفكري.

7. يقودنا الكتاب المُقدّس إلى قلب الله.

كتب توماس جودوين Thomas Goodwin أن الكتاب المُقدّس كُتب "ليأتي بقلب الله ويضعه أمامنا". ٢ فالكتاب المُقدّس باكمله يعرضُ مجد الله متعدد الأوجه. إنه يكشف لنا عن قلب الله كي نثق به بكل قلوبنا.

كتب بولس: "أَنَّ كُلَّ مَا سَبَقَ فَكُتِبَ كُتِبَ لأَجْلِ تَعْلِيمِنَا، حَتَّى بِالصَّبْرِ وَالتَّعْزِيَةِ بِمَا فِي الْكُتُبِ يَكُونُ لَنَا رَجَاءٌ" (رومية ١٥: ٤). يهدف الله إلى تعليمنا وإرشادنا ليس لكون التعليم غاية في حد ذاته، ولكن لتشجيع قلوبنا بالرجاء. لقد أعطانا [الله] الكتاب المُقدّس لأنه يُحبنا، ويريدنا أن نشعُر بأننا محبوبون منه. يريدنا أن نضع رجائنا فيه وأن نعرف بل وأن نكون مُتيقنين في أعماقنا بثقة لا تتزعزع أننا له.

8. الهدف من دراسة الكتاب المُقدّس هو أن نري المُخلِّص.

كل نمو دائم في الحياة المسيحية يحدُث نتيجة لرؤية مجد الله في وجه يسوع: "وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ..." (٢كورنثوس ٣: ١٨). لذلك، بينما نسعى لتحقيق النمو الروحي، فإننا نفعل ذلك من خلال رؤيتنا لـ "... إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ،..." (٢كورنثوس ٤: ٤).

نحن ندرس الكتاب المُقدّس لنرى يسوع بشكل أكثر وضوحًا. وعندما نرى مجد الله في المسيح، نصير مثلَهُ. لكن هذا يتطلب عملًا – فنحن نعمل على دراسة الكتاب المُقدّس لإزالة كل مفاهيمنا الخاطئة عن المسيح. نحن ندرس لأننا مستاؤون من الرؤية الضبابية له.

الهدف من دراسة الكتاب المُقدّس هو أن نرى المُخلِّص وأن نتغيّر بواسطة رؤياهُ المُشبعة لنفوسنا.

9. دراسة الكتاب المُقدّس هو مشروع جماعيّ.

نحن نحرز تقدّمًا في دراسة الكتاب المُقدّس عندما نفعل ذلك معًا، من خلال الأسئلة وتبادل الأفكار. وهذا لا يشمل فقط المحادثات وجهًا لوجه، ولكن أيضًا بقراءة تأملات الآخرين. تساعدنا إرشادات الكتاب المُقدّس الدراسي في الحصول على رؤى وأسئلة لإثارة تفكير أعمق بداخلنا.

وماذا عن التفاسير؟ إذا كنت أقوم بدراسة رسالة رومية، وكان چون ستوت John Stott جالسًا بجانبي على الطاولة، فبكل تأكيد سأسأله دون تردد عن رأيه في النص. في الحقيقة لا أستطيع أن أفعل ذلك الأن. لكنني ممتن لكونه ترك تأملاته الخاصة مكتوبة. إذا كنا نؤمن بأن الروح القدس يقودنا إلى إحراز تقدّم في دراستنا، فعلينا أيضًا أن نفترض أنه يُساعد الآخرين أيضًا. إذن، فالإتكال الصحيح على الروح القدس في الدراسة، لا يقودنا إلى العُزلة بل إلى التعلُّم من الآخرين.

10. دراسة الكتاب المُقدّس تؤدي إلى الازدهار الحقيقي.

ما الذي يمكن أن نتوقعه من دراسة الكتاب المُقدّس؟ الاجابة هي أنه يُمكننا أن نتوقع أن نزدهر بالطرق الأكثر أهمية. يتحدث مزمور ١ عن الشخص المُطوّب أو السعيد الذي لا يقوم بمجرد قراءة كلمة الله فقط بل يلّهج فيها. الشخص الذي يدرس كلمة الله ويلّهج فيها هو "كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِي الْمِيَاهِ، الَّتِي تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ، وَوَرَقُهَا لاَ يَذْبُلُ." (مزمور ١: ٣).

من منا لا يريد أن يكون سعيداً حقاً؟ من منا لا يريد أن يعيش حياة مزدهرة؟ الله الذي خلقنا يُشردنا إلى الطريق: من الصباح إلى الليل، علينا ان نلّهج في كلمته بسرور عظيم.


  1. أرنولد دالمور ، چورچ وايتفيلد ، 1: 81.
  2. جودوين ، مؤلفاته ، 4 :208.

تُرجِم هذا المقال ونُشِر بالاتفاق مع موقع Crossway.org ، ويمكنك قراءة المقال الأصلي باللغة الإنجليزية من الرابط التالي: 10 Things You Should Know about Studying the Bible